الفرق بين الاستثمار و ريادة الأعمال: بناء الثروة و الابتكار

الفرق بين الاستثمار و ريادة الأعمال

يعد كل من الاستثمار و ريادة الأعمال ركيزتين أساسيتين في النمو الاقتصادي و تحقيق الاستقلال المالي، و مع أن المفهومين يتقاطعان في الهدف النهائي و هو تحقيق الأرباح، إلا أن الفرق بينهما جوهري من حيث القدرة على الابتكار، تحمل المخاطر، الجهد و الوقت، طبيعة العمل، و دور الفرد في العملية الاقتصادية.

أولا: ما هو الاستثمار؟

1- تعريف الاستثمار:

الاستثمار (Investment) هو عملية توظيف الأموال أو الموارد في مشروع أو أصل معين بهدف تحقيق عائد أو أرباح مستقبلية و المستثمر نوعان اما فردي او مؤسسي، يتميز المستثمر بأنه يسعى لتحقيق العائد المالي بأقل تدخل ممكن منه، فهو يعتمد على التحليل المالي و دراسة الأسواق لتحديد الفرص المناسبة، و من الأمثلة على ذلك، قيام شخص بشراء أسهم في شركة تكنولوجية كبرى مثل "مايكروسوفت" بهدف الاستفادة من ارتفاع قيمتها مستقبلا.

2- طرق الاستثمار:

تتعدد أشكال الاستثمارات حيث يمكن ان يدر الاستثمار الدخل من خلال طريقتين:

الأولى: تتمثل في شراء أصول قابلة للبيع (مثل الأوراق المالية أو العقارات) بهدف ارتفاع قيمتها أو توليد دخل جديد بعد بيعها.
الثانية: هي الاستثمار في مشروع مدر للدخل في أي قطاع مثل الصناعة او الزراعة بهدف الحصول على الدخل من تراكم المكاسب، مثل تمويل شركات صغيرة او كبيرة دون المشاركة في إدارتها اليومية.

ثانيا: ما هي ريادة الأعمال؟

1- تعريف ريادة الاعمال:

ريادة الأعمال Entrepreneurship هي عملية إنشاء و ادارة مشروع جديد من الصفر بهدف تقديم منتج أو خدمة مبتكرة تحل مشكلة في السوق، الريادي هو العقل المحرك الذي يتولى التخطيط، التمويل، التنفيذ، و تحمل المخاطر.

ريادة الأعمال تتطلب الإبداع، الجرأة، الانضباط، اللباقة و مهارة التواصل، الانفتاح على الأفكار الجديدة، القدرة على تحديد الأهداف و تنفيذها، و الاستعداد للتعلم و التطور.

على سبيل المثال، أسس "ستيف جوبز" شركة "آبل" بفكرة مبتكرة غيرت صناعة التكنولوجيا، بينما في العالم العربي يمكن ذكر قصة نجاح شركة "نعناع" في السعودية التي تطورت لتصبح أكبر سوق إلكتروني لبيع منتجات البقالة في المنطقة على يد مؤسسها "سامي الحلوة" و شركاءه.

2- أنواع ريادة الاعمال:

تنقسم ريادة الأعمال إلى عدة أنواع بحسب طبيعة النشاط و الهدف من المشروع فيما يلي أهم الأنواع باختصار:

ريادة الأعمال الصغيرة: هي المشاريع التي تهدف إلى تحقيق دخل ثابت لأصحابها دون خطط للتوسع الكبير مثل انشاء متجر محلي لبيع الملابس أو مطعم عائلي أو مقهى صغير.

- ريادة الأعمال القابلة للتوسع: يقوم هذا النوع على فكرة مبتكرة يمكن تطويرها لتصبح شركة كبيرة ذات انتشار واسع، مثل تطبيق “Careem” الذي بدأ  كمشروع محلي لتقديم خدمات النقل في دبي و تحول إلى شركة إقليمية بعدما استحوذت عليه شركة  "أوبر".

- ريادة الأعمال الاجتماعية: تهدف إلى حل مشكلات اجتماعية أو بيئية مع تحقيق عائد مالي مستدام، مثل مبادرات إعادة تدوير النفايات أو مشاريع تمكين المرأة الريفية في المغرب من خلال دعم الأنشطة الزراعية و الصناعات اليدوية و السياحة و الخدمات.

- ريادة الأعمال في الشركات الكبرى: تحدث داخل الشركات القائمة عندما تسعى إلى تطوير منتجات جديدة أو دخول أسواق مختلفة، مثال: دخول شركة "غوغل" في عام 2009 في مشروع السيارات ذاتية القيادة، بهدف توفير سيارات قادرة على القيادة بدون سائق.

- ريادة الأعمال الابتكارية: تعتمد على الإبداع و البحث العلمي لإطلاق منتجات أو خدمات جديدة تحدث تغييرا جذريا في السوق، مثال: شركة "تسلا" التي غيرت مفهوم صناعة السيارات الكهربائية بقيادة "إيلون ماسك".

- ريادة الأعمال الرقمية: تركز على استخدام الإنترنت و التكنولوجيا في إنشاء مشاريع رقمية بالكامل، مثال: انشاء متاجر إلكترونية مثل "نون" و "أمازون" أو منصات تعليمية عبر الإنترنت مثل "إدراك"

- ريادة الأعمال الخضراء: تسعى لتطوير حلول صديقة للبيئة تساهم في التنمية المستدامة، مثال: شركات الطاقة الشمسية في المغرب مثل مشروع "نور للطاقة" الذي يهدف الى إنتاج الكهرباء النظيفة.

ثالثا: الفرق بين المستثمر و رائد الأعمال:

على الرغم من أن المستثمر و رائد الأعمال يشتركان في هدف الربح إلا أن دور كل منهما يختلف تماما بناء على القدرات الشخصية و الأهداف و يمكن أيضا الدمج بينهما، و يمكن تلخيص الفرق بين المستثمر و رائد الاعمال فيما يلي:

1- الإبداع و الابتكار:

  •  الاستثمار يتطلب القدرة على تحليل نماذج الأعمال و دراسة الأسواق و المنافسين و اختيار الفرص المناسبة، و ان كان هذا أيضا ينطبق على ريادة الأعمال.
  • ريادة الأعمال تعتمد على الأفكار الجديدة و الابتكار، فاذا كان الشخص لديه فكرة مبتكرة لحل مشكلة أو تحسين منتج و خدمة قائمة، فإن ريادة الأعمال تسمح له بتنفيذ أفكاره.

2- العائد المالي و المرونة:

  • الاستثمار يحقق أرباحا مستقرة نسبيا على المدى الطويل، الا ان المستثمر يتبع استراتيجيات مالية محددة و أقل مرونة.
  • ريادة الأعمال قد تحقق أرباحا أكبر لكنها أكثر تقلبا و اقل استقرارا، الا ان الريادي يملك حرية اتخاذ القرار و تغيير مسار المشروع.

3- من حيث المخاطر:

  • الاستثمار أقل خطورة لان المستثمر يوزع أمواله لتقليل الخسائر، و يمكن الاستثمار في مشاريع قائمة و معروفة بدلا من المخاطرة في مشاريع جديدة في مرحلتها الأولى.
  • ريادة الأعمال تنطوي على مخاطر عالية لأن الريادي يبدأ من الصفر و هناك احتمال الفشل و فقدان رأس المال.

4- الجهد و الوقت:

  • المستثمر لا يحتاج إلى إدارة يومية للمشروعات و قد يجني أرباحه بسرعة أكبر حسب نوع الاستثمار.
  • الريادي يبذل جهدا كبيرا في التخطيط و الإدارة و التطوير و يحتاج الريادي إلى وقت أطول لتحقيق النجاح.

5- التأثير الاقتصادي:

  • الاستثمار يدعم المشاريع القائمة و يساعد في نمو الاقتصاد.
  • ريادة الأعمال تخلق فرص عمل و تدفع عجلة الابتكار.

رابعا: علاقة ريادة الأعمال بالاستثمار:

رغم الاختلاف بين ريادة الاعمال و الاستثمار إلا أن العلاقة بينهما تكاملية، فريادة الأعمال تحتاج إلى التمويل و الاستثمار، بينما يبحث المستثمر عن مشروعات ريادية ناجحة لتوظيف أمواله فيها، هذه العلاقة تنتج نماذج اقتصادية قوية مثل شركات "رأس المال الجريء" التي تجمع الأموال من مستثمرين متنوعين لاستثمارها في الشركات الناشئة و الواعدة ذات إمكانات النمو العالية.

على سبيل المثال، استثمار "مجموعة الإمارات للاتصالات" مبلغ 400 مليون دولار أمريكي في شركة “Careem” لدعم خططها في التوسع في تطبيقها الجديد متعدد الخدمات “Super App”   مما جعل "مجموعة الإمارات للاتصالات" تمتلك الحصة الأغلبية بمقدار 50.03% في هذا التطبيق.

في النهاية، يمكن القول ان الاستثمار و ريادة الأعمال وجهان لعملة واحدة في عالم الاقتصاد الحديث، فالمستثمر يمنح الحياة للمشروعات برأسماله، بينما يخلق الريادي فرصا جديدة بجهوده و أفكاره، و عندما يلتقي الاثنان ينشأ اقتصاد مزدهر قائم على الابتكار و التنمية المستدامة، الاختيار بين ريادة الأعمال و الاستثمار يعتمد على شخصية الفرد و أهدافه و على ما يمتلك فكرة مبتكرة ام فقط أموال قابلة للاستثمار.

تعليقات