أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

دراسة السوق الدولي: خطوة حاسمة للدخول الناجح في التجارة الدولية

دراسة السوق الدولي

دراسة السوق الدولي هي عملية تحليل منهجي تهدف إلى جمع و فهم المعلومات المتعلقة بالأسواق الخارجية، بما في ذلك حجم الطلب، خصائص المستهلكين، البيئة التنافسية، و العوامل الاقتصادية و القانونية المؤثرة، و تكتسب هذه الدراسة أهمية كبيرة في مجالي الاستيراد و التصدير على حد سواء.

و لا يمكن باي حال من الأحوال دخول أي سوق و خاصة الأسواق العالمية دون دراستها، و سواء كان الامر يتعلق بإطلاق منتج جديد أو دخول سوق جديد، فإن التحليل السوقي هو دليل النجاح،  في هذا المقال سنوضح الخطوات و العناصر التي يجب دراستها.

أولا: أهمية دراسة السوق الدولي

تعد دراسة السوق الدولي خطوة أساسية قبل دخول السوق او التوسع فيه، لأنها توفر معرفة شاملة بطبيعة الطلب العالمي و سلوك المستهلكين، مستوى المنافسة في الدولة المستهدفة، تقدير التكاليف و العوائد بدقة أكبر، و كذلك فهم البيئة القانونية و الثقافية و الاقتصادية للدول المستهدفة.

نتيجة ذلك تصبح لدى الشركات رؤية واضحة، ما يمكنها من تحديد أفضل استراتيجيات الدخول، تقليل احتمالات الفشل، اكتشاف الفرص غير المستغلة، و كذلك تقليل المخاطر المحتملة، و تجنب اتخاذ قرارات عشوائية قد تؤدي إلى خسائر مالية أو صعوبة في التكيف مع متطلبات السوق الجديد.

ثانيا: دراسة السوق الدولي

1- تحليل حجم الطلب العالمي

يعد تقييم الطلب نقطة انطلاق ضرورية، إذ يحتاج المستثمر إلى معرفة مدى احتياج السوق للمنتج، و تحديد الفجوات التي يمكن له استغلالها، و تساعد البيانات المتاحة في توجيه قرارات الإنتاج و التسويق بدقة، فعندما يكون الطلب مستقرا، يصبح الدخول أسهل و أكثر أمانا، و يمكن تحليل حجم الطلب من خلال دراسة النقاط التالية:

  • معرفة كمية الاستهلاك السنوي.
  • تقييم حاجة السوق لهذا المنتج.
  • دراسة الاتجاهات العامة للطلب مثل الارتفاع المستمر أو التراجع.
  • تحديد عدد العملاء المحتملين في السوق المستهدف.
  • قياس حجم المشتريات المتوقعة للمنتج خلال فترة زمنية محددة.
  • تحليل معدل نمو الطلب العالمي على المنتج عبر السنوات.
  • مقارنة حجم الطلب في الأسواق المختلفة لتحديد الأكثر نشاطا.

مثال: إذا كنت تفكر في تصدير التمور، ستجد أن الطلب مرتفع في دول أوروبا بسبب الإقبال على المنتجات الصحية.

2- تحديد المنافسين الرئيسيين في السوق الدولي

لا يمكن دخول أي سوق دون معرفة اللاعبين الأساسيين، تساعد هذه العملية في فهم البيئة التنافسية بشكل أوضح، مما يمكن الشركات من تطوير ميزة تفاضلية قوية و الوصول إلى العملاء بشكل أسرع و أكثر فعالية، هذه اهم النقاط التي يجب دراستها لتحديد المنافسين الرئيسيين:

  • تحديد الشركات المحلية و الدولية التي تقدم منتجات مشابهة.
  • جمع معلومات عن الحصة السوقية لكل منافس لمعرفة تأثيره.
  • تحليل الأسعار التي يقدمها المنافسون لتقدير مستوى المنافسة.
  • تقييم جودة المنتجات و الخدمات التي يطرحونها في السوق.
  • مراجعة استراتيجيات التسويق التي يستخدمونها لجذب العملاء.
  • دراسة القنوات التي يعتمدون عليها في التوزيع و التصدير.
  • تحديد نقاط القوة التي تميز كل منافس عن غيره.
  • كشف نقاط الضعف التي يمكن استغلالها لصالح الشركة.
  • مراقبة الابتكارات أو التطويرات الجديدة التي يقدمونها.
  • تقييم رضا العملاء عن منتجات المنافسين عبر المراجعات و التقييمات.

مثال: سوق الملابس في تركيا يشهد منافسة قوية جدا، بينما سوق مستحضرات التجميل العضوية أقل ازدحاما في بعض الدول الآسيوية.

3- الأسعار العالمية للمنتج

تساعد دراسة الأسعار العالمية للمنتج الشركات على فهم مستوى المنافسة و تقدير هامش الربح المحتمل، كما تتيح تحديد السعر المناسب لدخول السوق دون خسائر أو مبالغة، مما يسهم في وضع استراتيجية تسعير فعالة تدعم النجاح في التجارة الدولية، و هذه اهم النقاط التي يجب دراستها:

  • متابعة متوسط السعر العالمي للمنتج في الأسواق المختلفة.
  • مقارنة الأسعار بين الدول لتحديد الأسواق ذات العائد الأعلى.
  • مراقبة التقلبات السعرية الموسمية أو المرتبطة بالأزمات الاقتصادية.
  • دراسة تكاليف الإنتاج و النقل و تأثيرها على السعر النهائي.
  • تحديد السعر المقبول لدى المستهلكين في كل سوق دولي.
  • تقييم هوامش الربح الممكنة بناء على السعر العالمي السائد.
  • تحليل توقعات الأسعار المستقبلية لاتخاذ قرارات تسعير دقيقة.

مثال: سعر زيت الزيتون أعلى بكثير في كندا مقارنة بدول الخليج، ما يجعل التصدير إلى كندا أكثر ربحية.

4- تحليل العوامل الثقافية و تفضيلات المستهلك

تعد العوامل الثقافية عنصرا مؤثرا في قرار الشراء داخل أي سوق دولي، يساعد فهم ثقافة المستهلكين و تفضيلاتهم في تصميم منتجات و استراتيجيات تسويقية أكثر فعالية، مما يعزز فرص النجاح عند التوسع في الأسواق العالمية، و هذه نقاط تحليل العوامل الثقافية:

  • فهم القيم و المعتقدات و العادات التي تؤثر في اختيار المنتجات.
  • معرفة الألوان و الرموز المقبولة أو المرفوضة ثقافيا.
  • تحديد الذوق العام للمستهلك من حيث الشكل، الجودة، و الحجم.
  • تقييم تأثير اللغة و العادات الاجتماعية على الاتصال التسويقي.
  • فهم المناسبات الموسمية أو الدينية التي تؤثر في الطلب.
  • تحليل توقعات المستهلك من حيث الخدمة و التغليف.

مثال: المستهلك الأوروبي يفضل التغليف البسيط و المكونات الطبيعية، بينما يفضل المستهلك الآسيوي التصاميم الملونة.

قد يهمك: خطوات دخول مجال التجارة الدولية خطوة بخطوة للمبتدئين                  

5- التعرف على القوانين و اللوائح التجارية

تختلف القواعد التجارية من دولة لأخرى، و لهذا يجب فهم التشريعات المتعلقة بالاستيراد و التصدير لضمان دخول آمن و فعال، يساعد الالتزام بهذه التشريعات على تجنب المشكلات القانونية و تقليل العقبات، فعندما تلتزم الشركة بالمعايير الدولية تزيد فرصها في بناء علاقات تجارية طويلة، و يمكن فهم القوانين من خلال ما يلي:

  • التعرف على متطلبات الاستيراد و التصدير لكل دولة.
  • دراسة الرسوم الجمركية و الضرائب المفروضة على المنتج.
  • فهم المعايير و المواصفات الفنية المطلوبة للسلع.
  • معرفة القيود أو الحظر المفروض على بعض المنتجات.
  • الالتزام بقوانين حقوق الملكية الفكرية و العلامات التجارية.
  • متابعة التحديثات التشريعية التي قد تؤثر على حركة التجارة.
  • دراسة الاتفاقيات التجارية التي تمنح تسهيلات جمركية.
  • معرفة متطلبات شهادات المطابقة و الجودة مثل  ISO، شهادات حلال.
  • مراجعة قوانين التعبئة، التغليف، و الإعلان.
  • التأكد من التزام الشركات بقوانين حماية المستهلك في كل سوق.

مثال: لبيع العسل في ألمانيا، يجب اجتياز اختبارات مخبرية صارمة لضمان الجودة.

6- معرفة قنوات التوزيع المتاحة

تحدد قنوات التوزيع الطريقة التي سيصل بها المنتج إلى المستهلك النهائي، و يساعد اختيار القناة المناسبة على تقليل التكاليف، رفع كفاءة التسليم، و تعزيز القدرة التنافسية داخل السوق المستهدف، يمكن معرفة الطرق المناسبة من خلال ما يلي:

  • تحديد الوسطاء المحليين القادرين على توزيع المنتج بفعالية.
  • دراسة خيارات البيع عبر التجار بالجملة أو التجزئة.
  • تقييم إمكانية إنشاء موزعين معتمدين داخل السوق المستهدف.
  • تحليل جدوى البيع المباشر للمستهلك عبر المنصات الرقمية.
  • معرفة دور شركات اللوجستيات في تخزين و نقل المنتج.
  • مقارنة التكاليف بين قنوات التوزيع المختلفة.
  • تحديد القناة التي تضمن وصول أسرع و أقل تكلفة.

مثال: في الإمارات، التجارة الإلكترونية مثل "Amazon" و "Noon" تشكل قناة قوية لدخول منتجات جديدة.

7- تكاليف الشحن و اللوجستيك

هذه الخطوة تحدد القدرة على تحقيق سعر تنافسي و الحفاظ على هامش ربح مناسب، حيث يساعد تحليل هذه التكاليف على اختيار طرق نقل فعالة و ضمان وصول المنتجات للعملاء في الوقت المحدد، و يمكن دراسة هذه الخطوة من خلال النقاط التالية:

  • حساب تكلفة النقل البحري أو الجوي أو البري لكل شحنة.
  • مقارنة أسعار شركات الشحن الدولية لاختيار الأنسب.
  • تحليل تكاليف التخزين في المستودعات داخل بلد التصدير و الاستيراد.
  • معرفة رسوم المناولة في الموانئ و المطارات.
  • تقدير تكلفة التأمين على الشحنات أثناء النقل.
  • مراجعة تكلفة التعبئة و التغليف المناسبة لحماية المنتج.
  • حساب تكلفة التخليص الجمركي في الدولة المستهدفة.
  • تقييم تأثير المسافة على إجمالي التكلفة اللوجستية.
  • تحديد تكاليف النقل الداخلي داخل السوق المستهدف.
  • مراقبة العوامل المتغيرة مثل أسعار الوقود التي تؤثر على تكلفة الشحن.

مثال: الشحن البحري إلى الهند أرخص من أوروبا، ما يجعلها سوقا مناسبا للسلع الثقيلة.

طرق دخول السوق الدولي

ثالثا: طرق دخول السوق الدولي

بعد تحليل السوق، يجب اختيار طريقة الدخول المناسبة، طبعا هناك اختيارات متعددة لكن يجب مراعاة حجم الاستثمار، الموارد المتاحة و نوع المنتج، يؤدي اختيار الاستراتيجية الصحيحة إلى تحقيق نمو أسرع، و هذه أهم الطرق العملية التي يمكن للشركة استخدامها لبدء البيع في السوق الجديد:

- التصدير المباشر: بيع المنتج مباشرة للمستوردين أو العملاء في الدولة المستهدفة.
- التصدير غير المباشر: الاعتماد على وسطاء أو شركات تصدير محلية تتكفل بالبيع.
- التوزيع عبر وكلاء أو ممثلين محليين: تعيين وكيل تجاري داخل السوق لبيع المنتج و تمثيل الشركة.
- إنشاء شبكة موزعين معتمدين: اختيار موزعين محليين لديهم قنوات بيع جاهزة.
- الامتياز التجاري (Franchising): منح حق استخدام العلامة التجارية و نموذج العمل لجهة محلية.
- الترخيص التجاري (Licensing): منح شركة محلية حق إنتاج المنتج أو بيعه مقابل رسوم.
- الاستثمار المباشر: إنشاء مكتب تمثيلي، فرع، أو مصنع داخل الدولة.
- البيع عبر التجارة الإلكترونية الدولية: استخدام منصات عالمية مثل «Amazon»، و «Alibaba» ، أو متجر خاص بالشركة.

قد يهمك: التجارة الخارجية: تعريف شامل و انواعها و أهميتها و العوامل المؤثرة فيها  

رابعا: اختيار استراتيجية دخول مناسبة للسوق الدولي

يأتي اختيار استراتيجية دخول السوق بعد دراسة الخطوات السابقة، اي بعد فهم دقيق لطبيعة السوق المستهدف و قدرات الشركة، يساعد هذا القرار على تقليل المخاطر و زيادة فرص النجاح، لأن كل سوق يفرض شروطه و متطلباته، و هذه بعض النقاط التي تساعد في اختيار الاستراتيجية المناسبة:

- تقييم الموارد المتاحة: يجب معرفة قوة الشركة المالية و البشرية قبل اختيار طريقة الدخول، فالأسواق التي تحتاج وجودا فعليا تتطلب موارد أكبر.

- تحليل مستوى المخاطر المقبولة: بعض الاستراتيجيات مثل الاستثمار المباشر أكثر خطورة من الشراكات أو التصدير، لذلك يجب اختيار مستوى المخاطرة الذي يمكن للشركة تحمله.

- معرفة طبيعة المنتج: المنتجات التقنية أو المتخصصة تحتاج غالبا إلى وكلاء أو شراكات محلية، بينما المنتجات الاستهلاكية يمكن دخولها بالتصدير المباشر.

- دراسة حجم الطلب في السوق المستهدف: إذا كان الطلب كبيرا و مستقرا، قد تكون الاستراتيجيات طويلة الأمد مثل إنشاء فرع مناسبة، أما الطلب المحدود فيفضل اختباره بالتصدير.

- تحديد درجة التنافس في السوق: الأسواق ذات المنافسة العالية تحتاج غالبا لتعاون محلي، مثل موزع قوي أو تحالف تجاري.

- فهم القوانين و اللوائح المحلية: قد تمنع بعض الدول الاستثمار الأجنبي المباشر أو تفرض شروطا معقدة، مما يجعل التصدير أو الشراكات خيارا أفضل.

- تحليل تكلفة كل استراتيجية: يجب مقارنة تكلفة التصدير، الامتياز التجاري، الترخيص، الشراكات، و الوجود المباشر، مع العائد المتوقع.

- تقدير سرعة الدخول المطلوبة: إذا كان الوقت عنصرا حاسما، فإن التصدير أو الشراكات تكون أسرع من إنشاء شركة جديدة داخل البلد.

- اختبار السوق أولا :(Pilot Entry) يمكن البدء بكمية محدودة أو توزيع تجريبي لمعرفة ردود الفعل قبل اعتماد استراتيجية طويلة المدى.

- الاستفادة من الشركاء المحليين: وجود طرف محلي يقلل التكاليف و يسرع التوسع، خاصة في الأسواق ذات التعقيد الثقافي أو القانوني.

باختصار، يتم اختيار استراتيجية دخول السوق الدولي من خلال موازنة الفرص، المخاطر، الموارد، و طبيعة السوق، لضمان دخول ناجح و تحقيق نمو مستدام.

خامسا: مصادر بيانات دراسة السوق

تعتمد دراسة السوق على معلومات صحيحة، لذلك يجب جمع البيانات من مؤسسات تجارية رسمية، فعندما تكون المعلومات دقيقة، يتم اتخاذ القرارات بثقة اكبر، و تتوفر عبر الإنترنت العديد من المصادر الموثوقة التي تساعد في جمع بيانات دراسة السوق (المصادر الرسمية تكون مجانية، و بعض المنصات تكون مجانية جزئيا) مثل:

  • البنك الدولي  .(World Bank Data)
  • الأمم المتحدة   .(UN Comtrade)
  • منظمة الأمم المتحدة للتجارة و التنمية  .(UNCTAD Statistics)
  • موقع   .(Statista)
  • منصات مثل (GoogleTrends) لتحليل الاهتمامات.
  • مواقع الوزارات و الهيئات الحكومية التي تنشر إحصاءات رسمية محدثة حول القطاعات الاقتصادية المختلفة.

في الختام، يمكن القول إن دخول أي سوق خارجي دون استعداد كاف يشبه السفر إلى وجهة مجهولة دون خريطة، لذلك من الحكمة أن تتعامل الشركات مع التوسع الدولي بوصفه مشروعا استراتيجيا يتطلب تخطيطا دقيقا و رؤية واضحة، إن الاستثمار في جمع المعلومات و التحليل المتعمق، رغم ما قد يتطلبه من وقت و جهد، يظل خطوة جوهرية لحماية الموارد و توجيه القرارات نحو المسار الصحيح، و على الرغم من أن خطوات دراسة السوق قد تبدو عديدة، إلا أن تحليل كل نقطة غالبا ما يرتبط بغيرها، حيث يمكن أن تكون دراسة عنصر معين جزءا من دراسة عنصر آخر، هذا الترابط يجعل عملية التحليل أكثر مرونة و سهولة.

تعليقات