ادارة الاعمال عناصرها أنواعها و اهميتها

ادارة الاعمال


هل فكرت يوما كيف تدير الشركات العملاقة أعمالها بنجاح وسط منافسة لا ترحم؟ ما الذي يجعل مؤسسة ما تتصدر السوق و أخرى تنهار بسرعة؟ السر يكمن في إدارة الأعمال، ذلك العلم و الفن الذي يجمع بين التخطيط، التنظيم، التوجيه والرقابة، تنقسم ادارة الاعمال نوعيا الى المستوى الإداري، الوظيفي و الحجمي و لكل منها دور محوري في تحقيق النمو المستدام للمؤسسة.

تكمن أهمية إدارة الأعمال في قدرتها على تعزيز الكفاءة و الإنتاجية، و ضمان استخدام الموارد بشكل أمثل لتحقيق الأهداف، بدون إدارة قوية ستواجه المؤسسات الفوضى و التراجع، أما بالإدارة الناجحة فهي قادرة على التميز في السوق و تحقيق الريادة.

تعريف إدارة الأعمال:            

ادارة الأعمال هي عملية تنظيم و تنسيق الموارد المختلفة (بشرية، مالية، مادية) في المؤسسات و الشركات التجارية لتحقيق الأهداف المحددة بكفاءة و فعالية، و تشمل هذه العملية وظائف رئيسية مثل التخطيط، التنظيم، الاشراف، التوجيه و الرقابة، وتتطلب ادارة الأعمال اتخاذ قرارات هامة و متابعة الأنشطة اليومية لضمان نجاح العمل التجاري أو الخدمي.

و تتمثل الغاية الأساسية من إدارة الأعمال في تحقيق الأرباح، النمو المستدام، رفع الإنتاجية وضمان رضا العملاء.

كمثال عملي على إدارة الاعمال ننظر الى "شركة سامسونج" للإلكترونيات التي تخطط لسنوات مقبلة في تطوير الهواتف الذكية بناء على أبحاث السوق، مما يجعلها دائما في صدارة المنافسة.

عناصر إدارة الأعمال الأساسية:

التخطيط:

التخطيط هو عملية تحديد الأهداف و وضع الخطط اللازمة لتحقيقها و تشمل أنشطة التخطيط ما يلي:

  • تحديد الأهداف: وهي تحديد ما تريد المؤسسة تحقيقه في المستقبل.
  • تحليل البيئة: و هي دراسة البيئة الداخلية و الخارجية للمؤسسة، لتحديد الفرص و التهديدات.
  • وضع الخطط: و هي تحديد الإجراءات اللازمة لتحقيق الأهداف.

و نأخذ كمثال للتخطيط شركة مايكروسوفت التي خططت للانتقال إلى الخدمات السحابية مبكراً، حيث بدأت في تطوير منصتها السحابية «ويندوز أزور» في عام 2008 و تم الإعلان عنها رسميا في العام نفسه، بينما أصبحت متاحة تجارياً في أوائل عام 2010، و على مر السنوات، وسعت الشركة نطاق خدماتها لتصبح منصة شاملة للحوسبة السحابية تعرف اليوم باسم  Microsoft Azure

التنظيم:

التنظيم هو عملية ترتيب الموارد و العناصر المختلفة في المؤسسة بما يضمن تحقيق الأهداف بكفاءة و فاعلية بمعنى توزيع المهام و المسؤوليات بوضوح، و تشمل أنشطة التنظيم ما يلي:

  • تقسيم العمل: و هو تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر يمكن إدارتها بسهولة.
  • تخصيص الموارد: و هو تخصيص الموارد البشرية و المادية للوظائف المختلفة.
  • بناء الهيكل التنظيمي: و هو إنشاء الهيكل الذي يحدد العلاقات بين مختلف الوظائف في المؤسسة.

و كمثال على التنظيم الجيد نأخذ شركة  "هواوي" التي تعتمد على هيكل تنظيمي مرن يسمح باتخاذ القرارات بسرعة في الأسواق الجديدة، حيث استطاعت التكيف مع الظروف المتغيرة مثل الضغوطات الخارجية و تغيرات السوق، و ذلك من خلال استراتيجيات مثل تطوير وحدات أعمال جديدة و توسيع نطاق العمليات، وهو ما مكنها من البقاء والتوسع رغم التحديات.

التوجيه:

التوجيه هو عملية توجيه و تحفيز الموظفين في المؤسسة و إعطائهم رؤية واضحة للعمل على تحقيق الأهداف، و تشمل أنشطة التوجيه ما يلي:

  • قيادة الأفراد: و هي توفير التوجيه و الدعم للأفراد، لتحفيزهم على تحقيق الأهداف.
  • التواصل: و هو التواصل الفعال مع الأفراد، لضمان فهمهم للأهداف و الخطط.
  • تحفيز الأفراد: و هو توفير الحوافز للأفراد، لتحفيزهم على العمل بجد.

مثال: شركة تسلا تلهم موظفيها برؤية "تغيير مستقبل الطاقة" و هذا يزيد حماسهم، حيث تسعى الشركة الى تسريع تحول العالم إلى الطاقة المستدامة عبر بناء منظومة متكاملة تشمل السيارات الكهربائية، حلول الطاقة الشمسية، و أنظمة تخزين الطاقة لتشغيل كل جانب من جوانب الحياة بالطاقة النظيفة.

الرقابة:

الرقابة هي عملية قياس و تقييم أداء المؤسسة و اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التزامها بالأهداف مما يضمن تنفيذ الخطة بشكل صحيح، و تشمل أنشطة الرقابة ما يلي:

تحديد معايير الأداء: و هي تحديد المعايير التي سيتم استخدامها لتقييم الأداء.

  • قياس الأداء: و هو جمع البيانات حول الأداء الفعلي للمؤسسة.
  • مقارنة الأداء الفعلي بالمعايير: و هي مقارنة الأداء الفعلي للمؤسسة بالمعايير المحددة.
  • اتخاذ الإجراءات التصحيحية: و هي اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التزام المؤسسة بالأهداف.

مثال:  شركة "نايكي" تراقب جودة منتجاتها عالميا لضمان رضا العملاء.

أنواع إدارة الأعمال:

المستوى الإداري:

تقسم مستويات الإدارة في إدارة الأعمال تقليديا إلى ثلاثة مستويات رئيسية:

الإدارة العليا: هي المسؤولة عن تحديد الاتجاه العام للمؤسسة و اتخاذ القرارات الاستراتيجية، مثل تحديد الأهداف العامة، وضع السياسات و الخطط، إدارة الموارد الرئيسية و مراقبة أداء المؤسسة.

و تتكون من رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي (CEO)، و نوابهم، و المدير المالي.

الإدارة الوسطى: هي المسؤولة عن تنفيذ القرارات الاستراتيجية للمؤسسة، مثل وضع الخطط التفصيلية، تنسيق عمل الأقسام المختلفة، و مراقبة أداء الموظفين.

تتكون من مديري المبيعات، الإنتاج، التسويق، الموارد البشرية، و مديري الأقسام و المشاريع.

الإدارة الدنيا: وهي المسؤولة عن تنفيذ المهام اليومية للمؤسسة مثل الإنتاج، البيع، و الخدمات، وكذلك حل المشكلات الفورية.

يتكون أعضائها من رؤساء الأقسام و المشرفون على الفرق.

التخصص الوظيفي:

ينقسم تخصص إدارة الأعمال على مستوى الوظائف إلى مجالات رئيسية تشمل:

- الإدارة المالية: هي المسؤولة عن إدارة الموارد المالية للمؤسسة، مثل جمع الأموال و استخدامها، مراقبة التدفقات النقدية، إدارة الأرباح و الخسائر، تخطيط الموارد المالية، و التحليل المالي.

- الإدارة الإنتاجية: هي المسؤولة عن إنتاج المنتجات و الخدمات، مثل تصميم المنتجات، تخطيط الإنتاج، مراقبة الجودة.

- الإدارة التسويقية: هي المسؤولة عن ترويج المنتجات و الخدمات للعملاء، مثل تحديد السوق المستهدف، تطوير المنتجات و الخدمات، تسعيرها، توزيعها، تحديد العملاء المستهدفين و تحليل سلوك المستهلك.

- إدارة الموارد البشرية: تختص بإدارة العنصر البشري للمؤسسة، بما في ذلك التوظيف، التدريب، تقييم الأداء، تحفيز الموظفين، توفير بيئة عمل مناسبة.

- الإدارة الاستراتيجية والتحليل: تتضمن التحليل الاستراتيجي للمؤسسة، اتخاذ القرارات التجارية الهامة و توجيه المؤسسة نحو أهداف طويلة الأجل .

- العلاقات العامة: تهتم بتحسين صورة المؤسسة و تواصلها مع المجتمع و الجمهور من خلال وسائل مختلفة.

الحجم المؤسسي:

تقسم إدارة الأعمال من حيث حجم المؤسسة عادة الى ثلاث فئات رئيسية هي:

المؤسسات الصغيرة: تتميز ببساطة الهيكل التنظيمي، قلة عدد الموظفين، تعدد المهام التي يقوم بها كل موظف، غالبا ما تكون الإدارة شخصية أو تقوم على عدد قليل من الأشخاص، حيث يتداخل دور المالك أو المدير في العديد من الأنشطة اليومية، مما يجعلها قادرة على اتخاذ القرارات بسرعة.

المؤسسات المتوسطة: تتميز هذه الإدارة بوجود هيكل تنظيمي أكثر تعقيدا، و عدد أكبر من الموظفين، و تخصص كل موظف في مجال معين، و تكون هناك حاجة إلى تنسيق أكبر بين الأقسام، مع وجود طبقة إدارية وسيطة تشرف على الأنشطة و تنفيذ استراتيجيات الإدارة العليا بشكل أكثر فعالية.

المؤسسات الكبيرة: تتميز هذه الإدارة بوجود هيكل تنظيمي معقد للغاية، و وجود العديد من المستويات الإدارية (العليا، الوسطى، الدنيا)، و وفرة الموارد،  تخصص في الأقسام و الوظائف،  تتبع هيكلاً هرميًا واضحًا، حيث تتولى الإدارة العليا وضع الرؤى و الاستراتيجيات، بينما تتولى الإدارة الوسطى تنفيذها، و الإدارة الدنيا تتكف بالإشراف المباشر على العمليات اليومية.

أهمية إدارة الأعمال:

أهمية إدارة الاعمال في سير المؤسسات:

تكمن أهمية إدارة الأعمال في قدرتها على توجيه الشركات و المؤسسات لتحقيق أهدافها من خلال التخطيط الفعال كما ما يلي:

ضمان تحقيق الأهداف:

تضمن الإدارة الفعالة توجيه كل الموارد و الانشطة نحو تحقيق الأهداف المحددة للمؤسسة، و ذلك من خلال التخطيط التنسيق التوجيه و الرقابة، فالإدارة تضع أهدافًا وتقيس الأداء باستمرار.

مثال: شركة "كوكاكولا" تضع خطط تسويق سنوية لضمان بقاء منتجاتها في صدارة السوق العالمية.

تعزيز الكفاءة الإنتاجية:

 تساعد إدارة الأعمال الجيدة على زيادة الكفاءة الإنتاجية للمؤسسة من خلال استخدام الموارد المتاحة بأفضل طريقة ممكنة، إدارة جيدة تعني إنتاج أكثر بتكاليف أقل.

مثال: شركة "تويوتا" طبقت نظام "الإنتاج الرشيق"(Lean Manufacturing)  لتقليل الهدر وزيادة الإنتاجية.

تعزيز القدرة التنافسية:

 تساعد إدارة الأعمال على تحقيق الميزة التنافسية للمؤسسة، و ذلك من خلال التطوير الدائم للمنتجات و الخدمات، تحسين عمليات الإنتاج و التوزيع، يعني القدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في بيئة السوق.

تنظيم الموارد البشرية:

تساعد إدارة الأعمال على توزيع المهام بدقة في المؤسسات و  تحقيق الرضا الوظيفي للعاملين من خلال توفير بيئة عمل مناسبة و توفير الفرص للتدريب و التطوير.

اهمية إدارة الأعمال على مستوى الأفراد و الاقتصاد:

تنمية المهارات القيادية:

تساعد دراسة إدارة الأعمال و تطبيق مبادئها على اكتساب المهارات القيادية اللازمة مثل اتخاذ القرارات، حل المشكلات، إدارة الوقت، و التواصل الفعال.

توفير فرص عمل متعددة:

يفتح تخصص إدارة الأعمال أبوابا لفرص وظيفية متنوعة في مختلف القطاعات، مما يعزز مسارات التطور المهني للأفراد عبر توفير فرص عمل للجميع و تحسين الأجور.

المساهمة في النمو الاقتصادي:

يؤدي نجاح الشركات و نموها من خلال الإدارة الفعالة إلى تعزيز الاقتصاد الوطني و زيادة الرخاء عن طريق زيادة الإنتاجية و خلق فرص العمل.

المساعدة في إدارة الأزمات:

توفر الإدارة القدرة على مواجهة تحديات السوق و الأزمات المختلفة، و وضع استراتيجيات للتعامل معها بكفاءة.

دور التكنولوجيا في إدارة الأعمال الحديثة:

أصبحت تلعب التكنولوجيا دورا محوريا في تسهيل عملية إدارة الأعمال من خلال ما يلي:

زيادة الإنتاجية و الكفاءة:

تساعد التكنولوجيا في التنفيذ التلقائي للمهام الروتينية و المستهلكة للوقت، مما يقلل التكاليف و يزيد من سرعة إنجاز المهام، و يتيح للموظفين التركيز على مهام أكثر استراتيجية.

تحسين التواصل و التعاون:

تمكن أدوات الاتصال الرقمي من تبادل المعلومات بسهولة و سرعة بين الموظفين و العملاء و الشركاء التجاريين، مما يعزز التنسيق و يزيد من كفاءة الفرق.

توسيع نطاق السوق:

توفر التكنولوجيا منصات للوصول إلى أسواق جديدة و زيادة الوعي بالعلامة التجارية و المنتجات، مما يؤدي إلى زيادة المبيعات و حصة السوق.

دعم اتخاذ القرارات:

تساعد الأنظمة التكنولوجية في إدارة و تحليل كميات كبيرة من البيانات، مما يمكن المؤسسات من اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة بناء على رؤى دقيقة.

تعزيز الابتكار:

تشجع التكنولوجيا على الابتكار من خلال توفير أدوات و منصات لتطوير منتجات و خدمات جديدة تلبي احتياجات السوق المتغيرة.

تحسين تجربة العملاء:

تمكن التكنولوجيا المؤسسات من تقديم خدمات عالية الجودة و تسهيل عمليات الشراء و التواصل، مما يبني علاقات قوية مع العملاء و يحافظ على ولائهم.

ضمان الأمن و حماية البيانات:

توفر التقنيات الحديثة أدوات لحماية البيانات و المعلومات الحساسة للمؤسسات من التهديدات الأمنية مما يحمي سمعتها و يقلل المخاطر.

في النهاية، يمكن القول ان إدارة الأعمال ليست مجرد وظيفة تقليدية، بل هي حجر الأساس الذي يقوم عليه نجاح أي مؤسسة، سواء كانت صغيرة أو عملاقة، و يمكن القول ان إدارة الأعمال هي فن القيادة و علم التخطيط الذي يجعل من الأفكار واقعا و من الأهداف إنجازات ملموسة، ولمن يسعى إلى النجاح في هذا المجال لا بد من تطوير المهارات الإدارية، الاستفادة من التكنولوجيا، و متابعة استراتيجيات الشركات الرائدة عالميا، و تذكر دائما ان الإدارة الناجحة ليست مجرد إدارة أعمالإنها إدارة مستقبل.

تعليقات